قال الشيخ في بداية المحاضرة بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم “أما بعد، فإن حديثي في هذه الليلة المباركة في موضوع يتعلق بأسرة أنصارية من أهل قباء”، وقبل أن يتحدث عما يتعلق بهذه الأسرة نبه على أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه أو لم يره كعبد الله بن أبي مكتوم(1)، ثمتحدث عن مقام الصحابة وأنهم اجتباهم الله تعالى واصطفاهم لصحبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويكونوا حملة هذا الدين ينقلون لنا ما صح عن رسول الله ينقلون لنا وما أنزل الله جل وعلا على نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
وقال: يجب علينا أن نعلم مقامهم وأن نعترف بمقدارهم وأن نتوسل إلى الله تبارك وتعالى بحبهم، وحرام وأي حرام أن ننال في عرض أصحاب رسول الله (2).
ثم بدأ الحديث عن أسرة عبادة بن الصامت الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه.
وافتتح الحديث عنه بالتعريف بقباء، وذكر أنه في الأصل اسم بئر، فجاء الله تعالى بالإسلام وكلمة قباء تطلق على هذه الضاحية، وذكر أصل موضع المسجد(3).
ثم شرع يتحدث عن قباء وفضله مبينا أنه لم يكن لهذه البقعة خبر قبل أن يأتي الني صلى الله عليه وسلم إليها وتطأها قدماه الشريفتان صلوات الله وسلامه عليه وقال: ما قباء؟ وما يثرب؟ وما بقية البقاع؟ لولا أن الله تبارك وتعالى كرمها بهجرة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وتحدث عن الهجرة قليلا، وذكر إقامته صلى الله عليه وسلم بقباء قبل دخوله المدينة، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول جمعة صلاها في وادي رانوناء في مسجد الجمعة المعلوم إلى يومنا هذا(4).
أقول: قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عبدالرحمن بن عويمر بن ساعدة قال: حدثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وتوكفنا قدومه كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلا دخلنا وذلك في أيام حارة، حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسنا كما كنا نجلس حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت فكان أول من رآه رجل من اليهود و قد رأى ما كنا نصنع وأنا ننتظر قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فصرخ بأعلى صوته: يا بني قيلة(5) هذا جدكم قد جاء، قال: فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة ومعه أبو بكر رضي الله عنه في مثل سنه وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وركبه الناس وما يعرفونه من أبي بكر حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فأظله بردائه فعرفناه عند ذلك.
فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـــ فيما يذكرون ـــ على كلثوم بن هدم أخي بني عمرو بن عوف ثم أحد بني عبيد، ويقال: بل نزل على سعد بن خيثمة، ويقول من يذكر أنه نزل على كلثوم بن هدم: إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من منزل كلثوم بن هدم جلس الناس في بيت سعد بن خيثمة، وذلك أنه كان عزبا لا أهل له وكان منزل الأعزاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين فمن هنالك يقال: نزل على سعد بن خيثمة وكان يقال لبيت سعد بن خيثمة: بيت الأعزاب، فالله أعلم أي ذلك كان، كلا قد سمعنا.
ونزل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على خبيب بن إساف أحد بني الحارث بن الخزرج بالسنح، ويقول قائل: كان منزله على خارجة بن زيد بن أبي زهير أخي بني الحارث بن الخزرج.
وأقام علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل معه على كلثوم بن هدم.
فكان علي بن أبي طالب ـــ وإنما كانت إقامته بقباء ليلة أو ليلتين ـــ يقول: كانت بقباء امرأة لا زوج لها مسلمة، قال: فرأيت إنسانا يأتيها من جوف الليل فيضرب عليها بابها فتخرج إليه فيعطيها شيئا معه فتأخذه، قال: فاستربت بشأنه فقلت لها: يا أمة الله من هذا الرجل الذي يضرب عليك بابك كل ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئا لا أدري ما هو وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك؟ قالت: هذا سهل بن حنيف بن واهب قد عرف أني امرأة لا أحد لي فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها ثم جاءني بها فقال: احتطبي بهذا فكان علي رضي الله عنه يأثر ذلك من أمر سهل بن حنيف حتى هلك عنده بالعراق.
قال ابن إسحاق: وحدثني هذا من حديث علي رضي الله عنه هند بن سعد بن سهل بن حنيف رضي الله عنه.
قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء في بني عمرو بن عوف يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجده، ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة، وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنه مكث فيهم أكثر من ذلك فالله أعلم أي ذلك كان، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة “(6).
ثم قال الشيخ: أود أن أقول بهذه المناسبة إن هذه المساجد التي يذكر ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فيها لا ينبغي لنا بأي حال من الأحوال أن ننكر ذلك ولا أن نقول بأن هذه فرية تركية أو فرية ممن قبلنا.
ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل وصلى في هذا المسجد وصلى في وادي رانوناء، نعم لن نستطيع أن نجزم ونقول بأنه صلى في هذا الموضع بالذات ولكنه صلى في وادي رانوناء.
وأيد الشيخ ذلك قائلا: ” إذا كانت دار أبي وإذا كانت دار جدي وإذا كانت دار أبيك وجدك وإذا كانت دور العظماء في أي بلد من البلاد قد اعترف بها وعينت وقيل إن هذه دار تعود لآل فلان وهذه دار تعود لآل فلان، فما المانع من معرفة المعالم المتعلقة بالسيرة؟ “.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ صَلاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ .
ثم قال الشيخ: لذا أيها الإخوة لا ينبغي لنا أن نجعل هذا موضوع قيل وقال، لا ينبغي لنا أن نجعل هذا الأمر موضع اعتراض وخلاف.
ثم ذكر فضل الصلاة في مسجد قباء قائلا: فلقد صح في الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له كأجر عمرة.
أقول : وهذا الحديث جاء عن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ صَلاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ .
أَخرجه النسائي وابن ماجه في سننهما وأحمد في المسند والبخاري في التاريخ الكبير، والحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير ـــ ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال ـــ، واللفظ لابن ماجه ورواية الباقين بنحوه من غير ذكر التطهر في بيته(7).
وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وكذا صحح سنده العراقي في تخريج الإحياء(8).
أقول : هو كذلك بحسب متابعاته وشواهده وإلا ففي سنده محمد بن سليمان الكرماني روى عنه جمع، ولم يذكر بجرح وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر في التقريب: مقبول(9).
ومن متابعاته ما رواه البخاري في لتاريخ الكبير وابن شبه في تاريخ المدينة(10).
ومن شواهده : حديث أسيد بن ظهير مرفوعا بلفظ الصَّلاةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ كَعُمْرَةٍ أخرجه الترمذي وابن ماجه في سننهما والحاكم في المستدرك، والضياء في الأحاديث المختارة، وابن أبي شيبة في المصنف والبخاري في التاريخ الكبير، وأبو يعلى في مسنده، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني، والبيهقي في سننه الكبرى، والطبراني في المعجم الكبير ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال(11).
وقال الترمذي فيما نقل المزي في تهذيب الكمال والذهبي في ميزان الاعتدال عنه حسن صحيح(12)، والموجود في أصول النسخة المطبوعة بتحقيق الشيخ أحمد شاكر قوله حَسَنٌ غَرِيبٌ .
ولو ثبت هذا عنه لكان أولى فقد تفرد به أبو أسامة عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عن أبي الأَبْرَدِ المدني مَوْلَى بَنِي خَطْمَةَ عنه وهو حديث حسن لغيره كما يأتي، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه إلا أن أبا الأبرد مجهول.
وأما الذهبي فقال حديث منكر، قلت لعله يعني به أنه تفرد به من لا يحتمل تعديله التفرد فإن هذا من إطلاقات المنكر:
قال صاحب توجيه النظر:” وإذا تفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعف في بعض مشايخه خاصة أو نحوهم ممن لا يحكم لحديثهم بالقبول بغير عاضد يعضده بما لا متابع له وشاهد قيل لما تفرد به منكر وهذا هو أحد قسمي المنكر، وهو الذي وجد إطلاق المنكر عليه لكثير من المحدثين كأحمد والنسائي “(13).
وكذلك الأمر هنا فإن أبا الأبرد مستور أي مجهول الحال ولذا قال فيه ابن حجر في التقريب مقبول(14)، يعني إذا توبع كما هو الحال هنا.
ومن الشواهد أيضا حديث ابن عمر بلفظ من صلى فيه كان كعَدل عمرة أخرجه ابن حبان في صحيحه(15).
وفيه عاصم بن سويد وشيخه داود بن إسماعيل لم أجد لهما توثيقا ولا جرحا، فهما في عداد المجاهيل وتوثيقهما إنما يكون على طريقة ابن حبان ومن وافقه فيقبلان في الشواهد.
والخلاصة أن الحديث صحيح كما قال الشيخ عمر، ولكن بمجموع طرقه، والله أعلم .
وبدأ الكلام عن الأسرة بعميدها، وهو عبادة بن الصامت، وذكر أنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الأولى وبيعة العقبة الثانية، ولما هاجر النبي عليه الصلاة والسلام إلى طيبة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبادة وبين أبي مرثد الغنوي(16).
أقول: ذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى في ترجمته رضي الله عنه أنه “عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، ويكنى أبا الوليد، وأمه قرة العين بنت عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، وكان لعبادة بن الصامت من الولد: الوليد ـــ وأمه جميلة بنت أبي صعصعة وهو عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار ـــ، ومحمد ـــ وأمه أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ـــ، وشهد عبادة العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا، وهو أحد النقباء الاثني عشر.
وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وأبي مرثد الغنوي، وشهد عبادة بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عقبيا نقيبا بدريا أنصاريا “.
ثم روى ابن سعد عن الوليد بن عبادة قال كان عبادة بن الصامت رجلا طوالا جسيما جميلا، ثم ذكر أنه مات بالرملة من أرض الشام سنة أربع وثلاثين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وله عقب(17).
وأما أبو مَرثد فصحابي بدري مشهور بكنيته واسمه كنّاز بن الحصين بن يربوع الغنوي، حليف حمزة بن عبد المطلب. . . وكان رجلا طوالا كثير شعر الرأس وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وعبادة بن الصامت، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا، شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سكن الشام، ومات بالمدينة قديما في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة من الهجرة وهو يومئذ ابن ست وستين سنة(18).
ثم قال الشيخ: “هذه سياسة نبوية، هذا عمل مجيد كريم، فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوي النبي صلى الله عليه وسلم الأواصر الإيمانية التي جمعهم الله جل وعلا بها. . . هذه الأخوة والله.
ولعلكم جميعا تعلمون الموقف الكريم الذي وقفه سعد بن الربيع الأنصاري الثري الذي يملك شمال البقيع إلى قرب أحد، منطقة الأسواف منطقة تبدأ من البقيع إلى قرب أحد ولو عدت إلى علم الناس اليوم لوجدتهم يقولون في السفوف، يعني هذه المنطقة تسمى بقيع الأسواف، وهي ما بعد بقيع الغرقد.
سعد بن الربيع لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، قال لعبد الرحمن بن عوف: هلم يا عبد الرحمن أقسم مالي بيني وبينك، نصفه لك ونصفه لي، ولي زوجتان تعال واختر أيتهما شئت لأتنازل عنها وأطلقها وتتزوجها، فقال له: بارك الله في مالك وبارك الله لك في أهلك، دلوني على سوق المدينة(19).
أيها الإخوة، يا أهل لا إله إلا الله، يا سكان طيبة التي سكنها رسول الله، يا سكان طيبة التي وطئها أنصار رسول الله، والله إنها دروس يجب علينا أن نتلقاها.
يجب علينا أن نحييها يجب علينا أن نقوم بها، يجب علينا أن نعلم بأن كل من قال لا إله إلا الله أخ لنا”.
ثم ذكر أن عبادة بن الصامت أحد خمسة من الأنصار جمعوا القرآن وحفظوه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عبادة بن الصامت ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وأبو الدرداء وأبو أيوب الأنصاري.
أقول: روى ابن سعد ومن طريقه ابن عساكر عن محمد بن كعب القرظي قال جمع القرآن في زمان رسول الله خمسة من الأنصار معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وأبي بن كعب وأبو أيوب وأبو الدرداء(20).
وقال الفقيه العلامة جمال الدين محمد أبي بكر الأشخر(21):
وجمع القرآن حفظا يا أخي
عثمان مرتضى معاذ وأبي
ثم أبو الدرداء، وابن ثابت
ثم أبو أيوب وابن الصامت
سعد أبو زيد هو الأنصاري
ثم تميم، ابن أوس الداري
ثم قال الشيخ: “لم يدع عبادة مشهدا ولم يدع معركة حضرها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شهدها عبادة.
وعاش رضي الله عنه مدة من الزمن بعد وفاة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وجاهد مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وذهب في آخر أيامه إلى الشام قاضيا قبل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، فأقام بحمص يعلم الناس الإسلام، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أمير من قبل عمر.
وقع بين عبادة بن الصامت وبين معاوية بعض فتور، فغضب عبادة رضي الله عنه ورجع إلى المدينة، فسأله عمر ما الذي أعادك؟ قال: أمر وقع بيني وبين معاوية، فأمره بأن يعود إلى الشام، وكتب لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه أن لا إمرة لك عليه، ولا يصلح بلد ليس فيها عبادة بن الصامت وأمثال عبادة بن الصامت رضي الله عنه وأرضاه” (22).
أقول: أصل الخبر في صحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن النسائي وجامع الترمذي، وأما بهذا السياق فرواه ابن ماجه في سننه والطبراني في مسند الشاميين بسند حسن ـــ فيما يظهر ـــ عَنْ قَبِيصَةَ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ الْأَنْصَارِيَّ النَّقِيبَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا مَعَ مُعَاوِيَةَ أَرْضَ الرُّومِ فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَبَايَعُونَ كِسَرَ الذَّهَبِ بِالدَّنَانِيرِ وَكِسَرَ الْفِضَّةِ بِالدَّرَاهِمِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ الرِّبَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تَبْتَاعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لَا زِيَادَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَظِرَةً فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ يَا أَبَا الْوَلِيدِ لَا أَرَى الرِّبَا فِي هَذَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ نَظِرَةٍ فَقَالَ عُبَادَةُ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ رَأْيِكَ لَئِنْ أَخْرَجَنِي اللَّهُ لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ لَكَ عَلَيَّ فِيهَا إِمْرَةٌ فَلَمَّا قَفَلَ لَحِقَ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا أَقْدَمَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ وَمَا قَالَ مِنْ مُسَاكَنَتِهِ فَقَالَ ارْجِعْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِلَى أَرْضِكَ فَقَبَحَ اللَّهُ أَرْضًا لَسْتَ فِيهَا وَأَمْثَالُكَ وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ لَا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ وَاحْمِلْ النَّاسَ عَلَى مَا قَالَ فَإِنَّهُ هُوَ الْأَمْرُ(23).
ثم ذكر الشيخ أن عبادة روى عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه أحاديث، وذكر أنه ينتقي منها حديثا كلنا في حاجة إلى معرفته والعمل به.
وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وفـي رواية: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإمام.
ثم تحدث الشيخ عن زوج عبادة وهي أم حرام بنت ملحان رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وأم حرام لا يعلم لها اسم وإنما كنيت بأم حرام لأن من أجدادها حرام فكنيت بأم حرام.
أقول: أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية، خالة أنس بن مالك قال أبو عمر: لا أقف لها على اسم صحيح(24)، وذكر ابن حجر أنها يقال إنها الرميصاء أو الغميصاء، ورده وصحح أن ذلك وصف أختها أم سليم(25).
ثم ذكر الشيخ أنه صلى الله عليه وسلم أتى مرة إلى قباء وقال عند أم حرام أي نام نومة النهار واستيقظ وهو يضحك، فقالت له رضي الله تعالى عنها: بأبـي أنت وأمي يا رسول الله ما الذي يضحكك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أقواماً من أمتي يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرّة أو كالملوك على الأسرّة، فقالت يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت منهم، شهد لها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بأنها ستستُشهد، ثم نام مرة أخرى واستيقظ وقال مقالته الأولى، قالت يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم فأخبرها أنها مع الجماعة الأولين فلما كان عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه جعل الأساطيل وغزا البحر الأبيض وتوجه إلى قبرص يريد أن يدعو الناس إلى لا إله إلا الله، خرج عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه ومع زوجه أم حرام بنت ملحان، فركبت البحر أو أرادت أن تخرج من البحر فانقلبت من دابتها واستشهدت، كما أخبر الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه(26).
أقول: الحديث أخرجه البخاري ـــ وهذا لفظه ـــ ومسلم في صحيحيهما من طريق مالك وهو في موطأ مالك عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ(27)، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قَالَتْ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ شَكَّ إِسْحَاقُ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ قَالَتْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ (28).
وقال الحافظ ابن حجر: ” والثبج بفتح المثلثة والموحدة ثم جيم ظهر الشيء. . والمراد أنهم يركبون السفن التي تجري على ظهره.
وقال: ” قوله أو قال مثل الملوك على الأسرّة، وهذا الشك من إسحاق وهو ابن عبد الله بن أبي طلحة يشعر بأنه كان يحافظ على تأدية الحديث بلفظه ولا يتوسع في تأديته بالمعنى كما توسع غيره. .
قال ابن عبد البر: أراد والله أعلم أنه رأى الغزاة في البحر من أمته ملوكا على الأسرة في الجنة ورؤياه وحي.
وقال عياض: هذا محتمل ويحتمل أيضا أن يكون خبرا عن حالهم في الغزو من سعة أحوالهم وقوام أمرهم وكثرة عددهم وجودة عددهم فكأنهم الملوك على الأسرة..
وفي هذا الاحتمال بُعدٌ، والأول أظهر، لكن الإتيان بالتمثيل في معظم طرقه يدل على أنه رأى ما يؤول إليه أمرهم لا أنهم نالوا ذلك في تلك الحالة أو موقع التشبيه أنهم فيما هم من النعيم الذي أثيبوا به على جهادهم مثل ملوك الدنيا على أسرتهم والتشبيه بالمحسوسات أبلغ في نفس السامع “(29).
ثم تحدث شيخنا عن حالة المرأة في الإسلام وأنها وإن كان الإسلام دعاها إلى أن تصون نفسها وإلى أن تحفظ عرضها وإلى أن تأخذ عليها جلبابها وإلى أن لا تبدي زينتها فإنه لم يمنعها من المكارم والفضائل.
وقال: ” فإن الجهاد في سبيل الله تعالى لا تُمنع منه المرأة، بل تخرج وتقاتل تداوي الجرحى تحمل الماء تسقي المرضى لا بأس بذلك، لكن عليها أن تتقي الله ولا تتبرج “(30).
ثم تكلم شيخنا عن مسألة الحجاب، فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام حجة الوداع ومعه زوجاته فتقول عائشة رضي الله تعالى عنها: فكنا إذا لقينا الركبان سدلت إحدانا جلبابها على وجهها.
أقول : الحديث رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وإسحاق وابن الجارود وابن خزيمة والدارقطنيوالبيقهي كلهم من طرق عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه(31).
ويزيد بن أبي زياد ضعيف(32)، لذا قال ابن خزيمة حين روى هذا الخبر: وفي القلب منه، وقال ابن حجر في فتح الباري: وفي إسناده ضعف(33).
قلت: وقد اختلف عليه أيضا، فرواه عنه جماعة كما سبق، وخالفهم سفيان بن عيينة فرواه عنه عن مجاهد عن أم سلمة رضي الله عنها: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، والدارقطني في سننه(34).
فإن الجهاد في سبيل الله تعالى لا تُمنع منه المرأة، بل تخرج وتقاتل تداوي الجرحى تحمل الماء تسقي المرضى لا بأس بذلك، لكن عليها أن تتقي الله ولا تتبرج .
وروى مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق(35) وهذا إسناد صحيح وهو يوضح اهتمام الصحابيات بالاحتجاب حتى في الإحرام.
ثم نبه الشيخ على أن عائشة رضي الله تعالى عنها وهي أم المؤمنين هي وبقية زوجات رسول الله حرمهن الله جل وعلا على كل مسلم تأخذ جلبابها خمارها الذي فوق رأسها وترخيه على وجهها، لئلا يراها أبناؤها الذين حرمها الله تعالى عليهم وهم من الصحابة الذين هم خير القرون.
وتكلم عن أهمية الحجاب، ومما قاله في ذلك: ” هكذا علمهن الإسلام هكذا كنا صالحات تقيات غير متبرجات لا تخرج لا تتبرج لا تبدي زينتها ولو خرجت إلى المساجد لتصلي ولو خرجت للحج والعمرة يجب عليها أن تتقي الله يجب عليها أن تأخذ عليها زينتها”.
ثم قال: “حرام على المرأة وإن كانت تعين زوجها في أي عمل من الأعمال حرام عليها أن تذهب إلى أي موضع وقد بدا نحرها أو بدا صدرها أو بدا رأسها أو بدا ساقها فإن هذا أمر حرمه الله تبارك تعالى على كل مسلمة “.
إلى أن قال: ” أيجوز للمرأة في عصر الحضارة والمدنية أن تذهب إلى البنك أن تختلط بالرجال أن تبدي زينتها، ساقها حاسر، أهذه امرأة متأدبة بأدب الإسلام التي أمر الله جلّ وعلا النسوة أن يكن عليه؟ “(36).
ثم بين أن أم حرام بنت ملحان وغيرها من الصحابة رضوان الله عليهم خرجوا من جزيرة العرب ليدعوا الناس إلى كتاب الله وإلى ما جاء به رسول الله.
وقال: إنهم وهبوا العالم ما لم يوهب من لدن أحد أبداً، وهبوه ما يقرب إلى الله، إنهم وهبوا العالم السعادة الأبدية(37).
ثم ذكر عقبة بن عامر أو ابن نافع فاتح إفريقية.
قلت: هوعقبة بن نافع الأمير المجاهد المشهور فاتح أفريقيا الجليل هو عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري القرشي، كان ابن خالة عمرو بن العاص، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بسنة وقيل قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بسنة، والأول هو الصحيح، ذكره البخاري في تاريخه الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وذكرا أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما، وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان مستجاب الدعوة له آثار في العبادة ومقامات في الزهادة(38).
ثم قال: وهكذا وصل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً إلى قبرص وتكريت وفرنسا وبلاد الروم والفرس، والعالم مدين لهؤلاء القوم الذي حملوا القرآن ونشروه ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ويدعوهم لعبادة الله وحده.
ثم انتقل في الحديث إلى حرام بن ملحان رضي الله عنه أخ لأم حرام، وقال: وحرام أخوها شاب من شباب المدينة من أهل القرآن، وممن كانوا يصومون النهار ويحتطبون ويبيعون حطبهم، فإذا كان الليل قاموا يتدارسون القرآن في مسجد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ثم ذهبوا إلى بئر غرس(39) وإلى غيرها من الآبار أخذوا الماء وسقوا به الفقراء والمساكين ومن يحتاج إلى ماء(40).
وذكر قصته في غزوة بئر معونة فقال: “جاء رجل من بني كلاب يسمى عامر بن أبي الطفيل الكلابي يفاوض رسول الله صلوات الله وسلامه عليه في أمر الإسلام، فعرض النبي عليه الإسلام، فأبى أن يتلقى الإسلام لأول وهلة، وطلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يبعث إليه وإلى قومه من يعلمهم القرآن، فبعث النبي هؤلاء الشباب أربعين شاب أو سبعين شاب، فذهبوا إلى عامر الكلابي ناحية نجد وبقرب حرة بني سليم، فلما وافوا القوم قال لهم حرام بن ملحان انتظروا أمهلوني أذهب إلى القوم فإن وجدت مأمناً عرضت عليهم أمر رسول الله وإن قتلوني ففروا وعودوا إلى رسول الله، فوافى حرام بن ملحان رضي الله عنه القوم وقال لهم أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنوني لأبلغكم رسالة رسول الله صلوات الله وسلامه، فقام رجل منهم وطعن حرام بن ملحان رضي الله عنه، فأخذ حرام شيئاً من دمه ووضعه على رأسه ووجهه وقال: فزت ورب الكعبة.
ولما بلغ النبي الخبر ظل صلى الله عليه وسلم يدعو شهراً على رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله، يقنت في صلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء، لأن القنوت مشروع في النوازل(41) والمصائب، وكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يقنت إلا ذا دعا لقوم أو عليهم، هذا في الفريضة، أما في الوتر فكان عليه الصلاة والسلام يعلم الحسن بن علي رضي الله عنه في حديث حسن مقبول صحيح دعاء القنوت اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت “.
أقول: حرام بن ملحان بن خالد بن زيد بن حرام النجاري الأنصاري، خال أنس بن مالك، شهد بدرا وأحدا وبئر معونة وقتل يومئذ شهيدا في صفر على رأس ستة وثلاثين شهرا من الهجرة(42).
وهذه الواقعة تعرف بغزوة بئر معونة وبسَرِيَّة القُرَّاء، وقد جاء ذكرها في أحاديث عدة(43)، منها حديث أنس بن مالك t قال دعا رسول الله e على الذين قتلوا أصحاب بئر مَعُونة ثلاثين غداة على رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ـــ واللفظ له ـــ، ومسلم في صحيحه، وأحمد، وأبو عوانة كلهم من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عنه به(44).
وبيانها أن أبا براء عامر بن مالك بن جعفر القيسي العامري الكلابي لمعروف بمـُلاعب الأسِـنَّة(45) قدم المدينة على رسول الله e في صفر سنة أربع، على رأس أربعة أشهر من غزوة أحد، فعرض عليه رسول الله e الإسلام ودعاه إليه، فلم يُسلم ولم يبعد من الإسلام، وقال: يا محمد، لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك، فقال رسول الله e: إني أخشى عليهم أهل نجد، قال أبو براء: أنا لهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك، فبعث رسول الله e سبعين رجلا(46) من أصحابه من خيار المسلمين، وفي رواية صحيح مسلم أنهم كانوا سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم القراء، يقرؤن القرآن ويتدارسون بالليليتعلمون وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء.
فساروا حتى نزلوا ببئر معونة ـــ وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سُليم، وهي إلى حرة بني سليم أقرب ـــ وبعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله e إلى عدو الله عامر بن الطفيل ـــ وهو ابن أخي أبي براء عامر بن مالك ـــ فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه فقتله، ثم استصرخ عليهم بني عامر، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه وقالوا: لن نخفر أبا براء وقد عقد لهم عقدا وجوارا، فاستصرخ عليهم قبائل من بني سُليم من عُصية ورِعـْل وذكوان فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم ـــ يرحمهم الله ـــ غير كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار فإنهم تركوه وبه رمق الموت، فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا رحمه الله، وغير عمرو بن أمية ورجل من الأنصار من بنى عمرو بن عوف لم يكونا مع القوم، فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر فقالا: إن لهذا الطير لشأنا فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة فقال الأنصاري لعمرو بن أمية ماذا ترى؟، قال: أرى أن نلحق برسول الله e فنخبره، فقال الأنصاري: لكني ما كنت لأرغب عن موطنٍ قُتل فيه هؤلاء، ثم تقدم فقاتل حتى قُتل، ورجع عمرو بن أمية حتى قدم على رسول الله e، فأخبره الخبر(47).
وكلمة حرام بن ملحان رضي الله عنه فزت ورب الكعبة من أجلّ صور الثبات عند الممات، ومن أجلى دلائل كمال محبة الصحابة لله تعالى ورسوخ معرفتهم بحقيقة الفوز وقوة إيمانهم بالآخرة وزهدهم في الدنيا (48).
وحديث الحسن بن علي رضي الله عنهما في القنوت رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي في سننهم وأحمد وأبو يعلى والبزار في مسانيدهم وابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك وابن أبي شيبة في المصنف والطبراني في المعجم الكبير وأبو نعيم في الحلية كلهم من طرق عن بريد عن أبي الحوراء ربيعة بن شيبان السعدي عن الحسن بن علي عنه به نحوه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء(49)، قلت: والحديث بمجموع طرقه صحيح، والله أعلم.
ثم قال الشيخ: “وحرام اسم يطلق في الإسلام على جملة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يقطنون في المدينة، وهم: حرام بن ملحان، وحرام بن عوف البلوي(50)، وحرام بن أبي بن كعب، وبمناسبة أننا في مسجد قباء فإن حرام بن أبي بن كعب هو الذي دخل مسجد قباء ليصلي خلف معاذ بن جبل رضي الله عنه، وتعلمون أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي العشاء ثم يأتي إلى مسجد قباء ويصلي بأهل قباء، وإذا بمعاذ بن جبل رضي الله عنه
“وحرام اسم يطلق في الإسلام على جملة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يقطنون في المدينة، وهم: حرام بن ملحان، وحرام بن عوف البلوي، وحرام بن أبي بن كعب.
يطيل صلاته، فما كان من حرام بن أبي بن كعب إلا أن قطع صلاته وصلى وحده، ثم ذهب وانطلق لأنه كان قد عقل بعيره عند باب مسجد قباء، فلما انتهى معاذ، وحُدِّثَ بما جرى من هذا الرجل قال إنه منافق، فلم يرض حرام بن أبي بن كعب أن يوصف بأنه منافق، فأتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام يشكو معاذاً، فدعا النبي معاذاً وقال له: أتريد أن تكون فتاناً أتريد أن تكون فتاناً أتريد أن تكون فتاناً من أم قوماً فليخفف فإن فيهم الصغير والضعيف وذا الحاجة، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فحرام بن أبي بن كعب هو الذي جرت له هذه القصة في هذا المسجد المبارك ـــ مسجد قباء ـــ.
وفي القصة دلالة على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل، معاذ صلى مع النبي العشاء وأتى ليصلي بالقوم، القوم يصلون الفريضة ومعاذ رضي الله عنه يصلي نافلة، النية قد اختلفت، ومع ذلك أقرهم النبي عليه الصلاة والسلام.
ويدل على جواز اختلاف النيات ما نبه عليه العلماء والفقهاء من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في إحدى صور صلاة الخوف في قوم ركعتين وسلم، ثم قام وصلى في قوم آخرين ركعتين، فلو كان إعادة الصلاة أو اختلاف النيات أمرا غير جائز لما كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قد فعله “(51).
أقول: استطرد شيخنا هنا من ذكر حرام بن ملحان إلى ذكر بعض من يسمى بهذا الاسم من الصحابة وتحدث عن أحدهم بمناسبة أن المحاضرة في قباء وهو الذي انفرد عن الجماعة وذكر ما يستفاد من الحديث الذي وردت فيه قصة ذلك الرجل.
وقد اختلف في اسم الصحابي الذي انفرد عن معاذ في صلاته على عدة أقوال محتملة وأقربها أن يكون صاحب القصة حزم بن أبي كعب السلمي الذي تصحف على بعض العلماء إلى حرام فظنه بعضهم حرام بن ملحان ووقع في بعض المواضع من الفتح:”حرام بن أبي بن كعب”، وليس كذلك ، والله أعلم(52).
وأماكون هذه الواقعة في مسجد قباء، مع أن معاذا رضي الله عنه كان يؤم قومه كما سبق في الحديث وهم بنو سلِمة كما هو صريح بعض روايات الحديث مثل رواية الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة أنه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت جابر بن عبد الله يقول: كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء أو العتمة ثم يرجع فيصليها بقومه في بني سلمة …، ورواه البيهقي في سننه الكبرى من طريق الشافعي والحميدي عن سفيان به نحوه(53).
والقولبإنها حصلت في قباء بسبب حديث آخر جمعا بينه وبين هذا الحديث واعتبارهما خبرا عن قصة واحدة، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أَبي مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ(54).
وأما الحافظ ابن حجر ففرق بينها فقال في شرحه لهذا الحديث : ” وأما قصة معاذ فمغايرة لحديث الباب لأن قصة معاذ كانت في العشاء وكان الإمام فيها معاذا وكانت في مسجد بني سلمة وهذه كانت في الصبح وكانت في مسجد قباء “(55)، وبالله التوفيق.
’’وأخيرا ختم الشيخ المحاضرة بالتنفير من كراهة أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه بأنه دليل على ما في القلب من النفاق، ودليل على مدى بعد القلب عن الله تبارك وتعالى.‘‘
ووضح خطورة ذلك لأننا إذا كنا نشتم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أو نذمهم أو نكفرهم أو نبدعهم فإن معنى ذلك أن قرآننا وديننا إنما جاء عن طريق أقوام ليسوا بثقات ومرضين لله تبارك وتعالى، وبالتالي يهدم الدين.
ودعا الله فقال ” أتوسل إلى الله جل وعلا بحب أصحاب رسول الله، وبحب أنصار رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، أن يحشرنا في زمرتهم”(56).
إذا كنا نشتم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أو نذمهم أو نكفرهم أو نبدعهم فإن معنى ذلك أن قرآننا وديننا إنما جاء عن طريق أقوام ليسوا بثقات ومرضين لله تبارك وتعالى، وبالتالي يهدم الدين.
جزى الله شيخنا على هذه المحاضرة التي كانت محاضرة ملآى بالفوائد الفقهية العملية وبالطرائف التاريخية الشيقة وهي مترعة بحب الصحابة رضي الله عنهم، ونرجو أن تكون مقبولة عند الله تعالى وأن يثيبه عليها إنه جواد كريم، وبالله التوفيق.
يتم أخذ هذه المقالة من مجلة الصحوة الإسلامية
المزيد مثل هذه المقالات الاشتراك الصحوة الإسلامية
——————————————————————————————
الهوامش
(1) انظر مقدمة ابن الصلاح /225، فتح المغيث 3/100، الشذا الفياح 3/93-109
(2) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 144
(3) انظر تاريخ المدينة لابن شبة 1/40، معجم البلدان 4 / 302، وفاء الوفاء 3/518
(4) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 145
(5) كان لحارثة بن ثعلبة ولدان أحدهما أوس و الآخر خزرج و أمهما قيلة بنت الأرقم بن عمرو بن جفنة، تاريخ ابن خلدون2/342
(6) سيرة ابن هشام 3/19-22،عيون الأثر1 /311، البداية والنهاية 3 / 198
(7) سنن النسائي ( 699 ) ، سنن ابن ماجه ( 1412)، المسند3/487، التاريخ الكبير 1/96 ، المستدرك 3/13، المعجم الكبير 6/74 ، 75 ، تهذيب الكمال 25/305.
(8) تخريج الإحياء 1/260.
(9) الثقات 7/372، وانظر الجرح والتعديل 7/267، تهذيب التهذيب 9/177، التقريب /561.
(10) التاريخ الكبير 8/378 وابن شبه في تاريخ المدينة 1/41.
(11) جامع الترمذي ( 324 ) ، سنن ابن ماجه ( 1411)، المستدرك 1/662، الأحاديث المختارة 4/281،المصنف 2/149، التاريخ الكبير 2/47 ، مسند أبي يعلى 13/ 117، الآحاد والمثاني 4/ 43، سنن البيهقي الكبرى5/248،المعجم الكبير 1/210، تهذيب الكمال 9/528.
(12) تهذيب الكمال 9/528، ميزان الاعتدال 3/143.
(13) توجيه النظر 1/516.
(14) التقريب /221.
(15) صحيح ابن حبان 4/507 برقم 1627.
(16) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 145
(17) الطبقات الكبرى 3 / 546، تاريخ دمشق 26/175
(18) الطبقات الكبرى 3/47،الإصابة في تمييز الصحابة 7/369، تقريب التهذيب /462
(19) سبق ذكر هذا الحديث قريبا
(20) الطبقات الكبرى 2 / 356، تاريخ دمشق 26/194
(21) قرأ على جماعة من الأكابر الجلة وحصل له من الجميع الإجازة منهم: شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي توفي سنة إحدى وتسعين بعد التسعمائة، انظر ترجمته والأبيات المذكورة في النور السافر/ 194
(22) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 147
(23) صحيح مسلم 1587، سنن أبي داود 3349، سنن النسائي 4560، جامع الترمذي 1240، سنن ابن ماجه 18، مسند الشاميين 1/218
(24) الاستيعاب 1/626
(25) الإصابة في تمييز الصحابة 8/189، 227
(26) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 153
(27) ذهب بعض العلماء ومنهم النووي إلى أنها كانت محرما له صلى الله عليه وسلم وهو قول ابن عبد البر، وقد نقل عن ابن وهب قوله أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، قيل إنما كانت خالة لأبيه أو جده عبد المطلب، وقيل كانت أم سليم أخت آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وذهب بعض العلماء إلى هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم فقالوا كان النبي صلى الله عليه وسلم معصوما يملك إربه عن زوجته فكيف عن غيرها مما هو المنزه عنه وهو المبرأ عن كل فعل قبيح وقول رفث فيكون ذلك من خصائصه، وهذا قول ابن الملقن والسيوطي، واستحسنه الحافظ ابن حجر، انظر فتح الباري 9/203، 11 /78 -79، سبل الهدى والرشاد للصالحي10/444-446، الخصائص الكبرى للسيوطي 2/431
(28) صحيح البخاري 2789، صحيح مسلم 1912، موطأ مالك 2/464
(29) فتح الباري 11/ 74
(30) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 151
(31) انظر سنن أبي داود ( المناسك – في المحرمة تغطي وجهها – 1833 ) ، سنن ابن ماجه ( المناسك – المحرمة تسدل الثوب على وجهها – 2935 ) ، مسند أحمد 6/30 ، مسند إسحاق بن راهويه 3/615 ، المنتقى من السنن المسندة / 111 ، صحيح ابن خزيمة 4/ 203 ، سنن الدارقطني 2/294 ، 295 ، سنن البيهقي الكبرى 5/48
(32) انظر تاريخ ابن معين رواية الدارمي/93 ، المعرفة والتاريخ 3/81 ، الجرح والتعديل 9/265 ، ضعفاء العقيلي 4/379 ، المجروحين 3/99 ، الكامل 7/275 ، تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين /256 ، الطبقات الكبرى 6/340 ، تهذيب التهذيب 11/388 ، تقريب التهذيب /601
(33) فتح الباري 3/ 406
(34) لمعجم الكبير 23/280 ، 391 ، سنن الدارقطني 2/ 295
(35) الموطأ 1/328
(36) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 153
(37) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 154
(38) التاريخ الكبير 6/434 ، الجرح والتعديل 6/317 ، الثقات 5/227 ، وانظر سير أعلام النبلاء 3/532 ، بغية الرواد 1/76 ، الخلاصة النقية /5 ، الأعلام للزركلي 4/341
(39) بئر غرس بفتح الغين وقيل بضمها بئر معروفة بقباء قريبا من مَنازِل بَنِي النَّضِير، وكانت لسعد بن خيثمة الأنصاري، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب منها يستطيب ماءها ويبارك فيه وروي في بعض الأحاديث أنه أثنى عليها، وبمائها غُسِّلَ بعد وفاته، انظر معجم البلدان 4/193، النهاية في غريب الأثر 3/663، معجم ما استعجم 3 /994، تاج العروس /4041، سنن ابن ماجه 1468، تخريج أحاديث الإحياء 1 / 212، الطبقات الكبرى 1/ 503 -505، تهذيب الكمال 6 /376، الثقات لابن حبان 5 / 50، الكامل في الضعفاء 2 / 351، مختصر تاريخ دمشق 1/299-300، البداية والنهاية 5/262- 262، فيض القدير 6 /286
(40) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 155
(41) النازلة: الشديدة من شدائد الدهر تنـزل بالناس: القاموس المحيط /273
(42) الطبقات الكبرى 3 /514، الإصابة في تمييز الصحابة 2 / 47
(43) انظر معرفة علوم الحديث للحاكم /92
(44) صحيح البخاري ( المغازي – غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة – 4095 )، صحيح مسلم ( المساجد ومواضع الصلاة استحباب القنوت في جميع الصلاة ـــ 677) مسند أحمد 3/215، مسند أبي عوانة 2/ 286
(45) سمي بذلك لقول أوس بن حجر فيه شعرا:
فلاعب أطرافَ الأسنة عامرٌ فراح له حظ الكتيبة أجمع
انظر الأغاني 15/350
(46) كما في الصحيح، وأما ابن إسحاق فذكر أنهم كانوا أربعين
(47) انظر مصنف عبد الرزاق 2/446، الطبقات الكبرى 2/53-54، السيرة النبوية لابن هشام 4/137-138، الثقات لابن حبان 1/237-239، الاستيعاب 4/1450، معجم البلدان 5/159، الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والخلفاء 2/108، مجمع الزوائد 6/182، فتح الباري 6/544، 7/379-380،391-392، الخصائص الكبرى 2/294، السيرة الحلبية 3/170
(48) انظر المدهش لابن الجوزي /323، الثبات عند الممات له / 130
(49) انظر سنن أبي داود ( الصلاة – القنوت في الوتر-1425)، جامع الترمذي ( الصلاة – ما جاء في القنوت في الوتر – 464 )، سنن النسائي ( قيام الليل وتطوع النهار – الدعاء في الوتر – 1745)، سنن ابن ماجه ( إقامة الصلاة والسنة فيها – ما جاء في القنوت في الوتر – 1178 )، مسند أحمد 1/199، 200، صحيح ابن خزيمة 2/151، المستدرك 3/188، مصنف ابن أبي شيبة 2/95، سنن الدارمي 1/452، مسند أبي يعلى 12/156، مسند البزار 4/176، المعجم الكبير 3/74، 75، حلية الأولياء 8/264، 9/321 مصححا ما ببعض المصادر المذكورة من أخطاء مطبعية
(50) رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شهد فتح مصر قاله ابن ماكولا عن ابن يونس وقال: ما علمت له رواية، انظر أسد الغابة 1/ 250
(51) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 157
(52) فتح الباري 2/193
(53) مسند الشافعي 1/ 56، سنن البيهقي الكبرى 3 / 85 ، 112
(54) صحيح البخاري 702 ، صحيح مسلم 466
(55) فتح الباري 2/198
(56) انظر لمحات عن المدينة النبوية ص 157